يقول رب العزة سبحانه: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير [الإسراء:1].
شاء الله
تعالى أن يمن على حبيبه المصطفى عليه الصلاة والسلام برحلة مباركة طيبة هي الإسراء والمعراج.
فما الإسراء والمعراج؟
الإسراء: هي رحلة أرضية تمت بقدرة الله عز وجل لرسول الله عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس.
أما المعراج: فهي رحلة سماوية تمت بقدرة الله عز وجل لرسول الله عليه الصلاة والسلام من بيت المقدس إلى السماوات العلا ثم إلى سدرة المنتهى ثم اللقاء بجبار السماوات والأرض سبحانه.
وهل كان الإسراء ببدنه عليه الصلاة السلام وروحه، أم بروحه فقط؟ والذي عليه أكثر العلماء أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً لأن قبيلة قريش أكبرته وأنكرته، ولو كان مناماً لم تنكره لأنها لا تنكر المنامات.
وقد اختلف العلماء في حادثة الإسراء والمعراج متى كانت؟
فقيل كان الاسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة (اختاره الطبري)، وقيل كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 10 من النبوة (اختاره العلامة المنصور فوري)، وقيل قبل الهجرة بستة عشر شهرا؛ أي في رمضان سنة 12 من النبوة، وقيل قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة، وقيل قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الاول سنة 13 من النبوة.
والصحيح أنها كانت بعد وفاة خديجة وأبي طالب في العام العاشر من النبوة، أو ما بعده ولم تكن قبل ذلك... كما لم يخصها رسول الله بعبادة معينة.
وقد أسرى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكباً على البراق، صحبة جبريل عليه السلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إماماً، وربط البراق بحلقة باب المسجد.
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل، ففُتح له، فرأى هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب آدم به، ورد عليه السلام وأقر بنبوته، وأراه الله أرواح الشهداء عن يمينه وأرواح الأشقياء عن يساره.
ثم عرج جبريل بالنبي إلى السماء الثانية، فاستفتح له، فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، فلقيهما وسلم عليهما فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف، فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة، فرأى فيها إدريس، فسلم عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الخامسة، فرأى فيها هارون بن عمران، فسلم عليه، ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء السادسة، فلقي فيها موسى بن عمران، فسلم عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
فلما جاوزه بكى موسى ، فقال له: ما يبكيك؟ فقال : أبكى لأن غلاماً بُعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى.
ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام، فسلم عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى ، ثم رفع له البيت المعمور.
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مر على موسى، فقال له: بم أمرك؟ قال بخمسين صلاة، قال: إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك.
التفت النبي إلى جبريل، كأنه يستشيره فى ذلك، فأشار: أن نعم، إن شئت، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى، فوضع عنه عشر صلوات، ثم نزل حتى مر بموسى فأخبره، فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلهما خمس صوات، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف، فقال: قد استحيت من ربى، ورضي وسلم النبي بالصلوات التي فرضها عليه وعلى أمته.
هناك نادى مناد: قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي.